يوليو 16, 2023 | CSF Team

دعم حساس للنزاع للمستجيبين السودانيين

مذكرة إرشادية عاجلة صادرة عن وحدة حساسية النزاعات (الجزء الثاني) – يونيو 2023

هذه المذكرة هي واحدة من سلسلة من المذكرات الإرشادية العاجلة التي تهدف إلى تسليط الضوء على الاعتبارات الأساسية لتوفير معلومات تعزز من فهم قطاع العون الإنساني للأزمة في السودان واستاجبته لها منذ 15 أبريل 2023.

النقاط الرئيسية:

 يمثل المستجيبون السودانيون، وشبكات المساعدة المشتركة والمنظمات قناة مهمة لدعم الأشخاص المتضررين من النزاع في جميع أنحاء السودان، ويجب أن وضعهم على قيادة جهود المساعدات بصورة متزايدة للمضي قدمًا. ومع ذلك فإن تعقيد السياق يعني أن هناك العديد من مخاطر الحساسية للنزاع التي يجب على نظام المساعدة التنقل فيها وتلافيها.

هناك خمسة اعتبارات رئيسية تشمل بناء فهم أفضل للمستجيبين السودانيين والمجموعات، ومقابلتهم حيثما كانوا وكيفما كانوا بدلاً من توقع تغييرهم ليتناسبوا مع هياكل المساعدات، وتجنب مخاطر الاستعانة بمصادر خارجية، وبدلاً من ذلك إعطاء الأولوية للمنظمة، وضمان المرونة من خلال أنظمة الإدارة والثقافة التنظيمية، وتمكين المناقشة الشفافة حول تصورات المساعدة ومخاطر الاستقطاب.

1) الدورالحيوي للمستجيبين السودانيين

بينما تكافح الجهات الفاعلة الدولية في مجال المساعدات للوصول والعمل داخل السودان، فإن معظم الخدمات العامة وجهود الاستجابة للأزمات تتم قيادتها وتنظيمها محليًا من قبل المستجيبين السودانيين الأوائل ومجموعات المساعدة المشتركة، منذ الخامس عشر من أبريل. تمثل هذه الجهود القناة والممر الأكثر اتساقًا لدعم المتضررين من النزاع في جميع أنحاء السودان، لا سيما في المناطق الأكثر تضررًا من النزاع. وتشمل الجهود الإنسانية الكبيرة والحيوية على مستوى القاعدة الشعبية، واستجابة الحماية، والأعمال الأخرى مثل توزيع المواد الأساسية كالماء والغذاء والدواء وتوفير المأوى والدعم النفسي والاجتماعي– مدمجة لتتكامل مع جوانب أوسع لدعم الحد الأدنى من الخدمات الأساسية ومحاولة المساعدة في الحفاظ على الوصول إلى الطاقة والدواء وعمليات التواصل. من المهم ملاحظة أن هذه الجهود الشعبية تشمل مستجيبين ومنظمات متنوعة تتباين وتتفاوت عبر جميع أنحاء البلاد، وتشمل: المنظمات السودانية غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني؛ لجان المقاومة ولجان الأحياء والخدمات؛ النقابات والجمعيات المهنية؛ الجمعيات النسائية والمجموعات الشبابية؛ شبكات المغتربين؛ الزعماء الأهليين والشبكات التقليدية؛ مجموعات المساعدة المشتركة من الأصدقاء والجيران، والمجموعات الأخرى.

لا يتمتع المستجيبون السودانيون والمنظمات السودانية بمكانة جيدة كأول مستجيبين فحسب، بل يجب أيضًا أن يكونوا في وضع جيد لقيادة جهود الإغاثة والعون في المستقبل. غالبًا ما تكون منظمات المجتمع المدني المحلية والوطنية في وضع أفضل لمعرفة كيفية تقديم المساعدات الإنسانية بطرق مراعية للنزاع والجوانب الثقافية وقضايا النوع الاجتماعي ، حيث ظلت تتنقل في هذه الديناميكيات طوال تاريخها. يحتاج المجتمع الدولي إلى التركيز على المدى المتوسط إلى الطويل أيضًا: من المحتمل أن تطول الأزمة الإنسانية في السودان، وبالتالي فإن استدامة الاستجابات يجب أيضًا أن تكون ذات أولوية، خاصة اذا ظل وصول المنظمات الدولية مقيداً بالعوائق البيروقراطية مثل انعدام الأمن وصعوبة الحصول على التأشيرات. يجب أن يكون المواطنون السودانيون في طليعة جميع عناصر المشاركة الدولية، بما في ذلك الاستجابة للمساعدات، وضمان ارتباط عمليات السلام المحلية واثراؤها لمناهج السلام القومي.

ومع ذلك، فإن السياق بعيد كل البعد عن البساطة والتبسيط، وهناك العديد من مخاطر الحساسية للنزاع التي سيحتاج نظام العون لتحريها وتلافيها خلال تفاعلاته مع العديد من عناصر استجابة بقيادة سودانية ودعمها.

) إرشادات حول حساسية النزاع – 5 اعتبارات رئيسية:

سيكون لهذا النموذج والصورة الفسيفسائية من الاستجابة الشعبية ومجموعات المساعدة المتبادلة وعمال الإغاثة السودانيين المحترفين ديناميكيات معقدة ومتغيرة. لهذا تهدف الإرشادات أدناه إلى البدء في مساعدة الجهات الفاعلة في مجال المساعدات الدولية على التنقل في الديناميكيات بطرق حساسة للنزاع.

  1. الاستثمار في بناء فهم المستجيبين السودانيين وأدوارهم المختلفة: قد لا يتناسب المنهج “المعياري” الموحد للشراكات وعملية التوطين مع السياق الحالي ، خاصة وأن السياق يختلف اختلافًا كبيرًا في جميع أنحاء البلاد، سيكون لدى المستجيبين والمجموعات المحلية المختلفة نقاط قوة وقدرات متفاوتة على الاستجابة والدعم في أوقات مختلفة وفي أماكن مختلفة، وهذا كله يعكس تباين وعدم تجانس الأشخاص المتأثرين والمتضررين من الأزمة أنفسهم. ستكون الخبرة المحلية ضرورية لإرشاد وتوجيه الجهات الدولية الفاعلة في مجال العون لضمان فهم هذه الفروق الدقيقة، وأن الاستجابة الإقليمية والمناطقية مصممة وفقًا لذلك. من المهم بناء علاقات شفافة وفهم للقدرات ونقاط القوة والضعف من كل الجوانب، ، بدلاً من الاعتماد فقط على التخطيط والخبرة المعممة.

2 – مقابلة الجهات الفاعلة المحلية حيثما وكيفما كانوا بدلاً من توقع تغييرهم ليتناسبوا مع هياكلنا التنظيمية: يجب أن يتجنب قطاع العون الإضرار بشبكات الدعم المحلية ومساءلتها التنازلية (خضوع الأعلى للمساءلة أمام من هو أدنى منه) من خلال استخدام مناهج منظمة بشكل كبير تسعى إلى جعل المبادرات الشعبية منظمات غير حكومية. وقد يلزم الاسراع في إعادة تعريف وتحديد العلاقات بين الجهات الفاعلة الدولية في مجال العون والمستجيبين والمجموعات المحلية المتنوعة، لإتاحة التوازن بين تقليل ثقل العمليات البيروقراطية مع الحفاظ على ضمان الجودة. سيتطلب ذلك مناقشات مفتوحة وشفافة حول أنواع التغييرات المطلوبة لتمكين نقاط القوة التكميلية من الازدهار، على سبيل المثال، من خلال تبسيط العمليات، وتحديد المبادئ المشتركة، والسماح بإعداد تقارير أكثر كفاءة، وبناء الثقة لتنظيم التعلم الأفضل، وتجهيز مجموعات متنوعة. واعداد وتجهيز المستجيبين المحليين بالقدرات والأدوات اللازمة لدعم أنفسهم في سياق صعب تسوده التحديات. لا ينبغي استشارة المستجيبين والمجموعات السودانية ومعاملتهم كأمر ثانوي، بل ينبغي أن تكون رؤاهم وخبراتهم في صميم تخطيط وتصميم الاستجابة الدولية وفي توجيه القرارات حول هذا النوع من الدعم الذي سيكون أكثر فائدة.

  1. تجنب مخاطر الاستعانة بمصادر خارجية والأعباء التشغيلية وبدلاً من ذلك إعطاء الأولوية للوكالة المحلية: يواجه المستجيبون المحليون والمجموعات مخاطر متزايدة، تشمل الاختيار والاستهداف المرتبط بأدوارهم وانتماءاتهم مع نظام العون الدولي. يمكن ان تعمل الأدبيات التي تصورهم على أنهم مقدمو خدمة “الشوط الأخير” أو مقاولين من الباطن أن تزيد من إعاقة قدرتهم على التخفيف من المخاطر من خلال تقييد عملياتهم وقدراتهم، بما في ذلك قدرتهم على اتخاذ قرارات تشغيلية والتأثير على طرق العمل على مستوى النظام. في الوقت نفسه، يجب على الشركاء الدوليين أيضًا أن يأخذوا في الاعتبار كيفية التشاور مع الخبراء المحليين – على سبيل المثال، في التنسيق لتجنب زيادة عبء طلبات المعلومات المتعددة، وضمان المرونة في تقدير التحديات التشغيلية والعاطفية اليومية التي يواجهونها . يجب إعادة النظر في الافتراضات حول القدرات والأدوار السابقة والمسؤوليات، وبخاصة المعايير والافتراضات التي تحد من طرق العمل والتي تمكن الوكالة المحلية. قد تؤدي اللغة والأدبيات حول دور المستجيبين والمجموعات المحلية إما إلى ترسيخ عدم توازن القوة أو المساعدة في تغيير المفاهيم (على سبيل المثال، النساء كقادة وليس ضحايا؛ المستجيبون المحليون كقادة مقابل المقاولين من الباطن). يجب أن تتطور بنية قطاع العون والمساعدات لتضم بشكل أفضل مساحات للمستجيبين السودانيين لإثراء عمليات الممارسات والسياسات والمشاركة في صنع القرار.
  2. ضمان المرونة لتحسين أنظمة الإدارة والثقافات التنظيمية التي تتيح استجابة ذكية وقابلة للتكيف: يتطلب السياق في السودان تفكيرًا مرناً حول كيفية الدعم بطرق مختلفة بأساليب متنوعة. وهذا بدوره يتطلب تغييرات في الأنظمة والثقافة التنظيمية. فالسلوك والموقف الذي يتجاوز النظر إلى المجموعات المحلية كشركاء منفذين ويعطي قيمة أكبر لدورهم المهم الأوسع نطاقا (على سبيل المثال، في القيادة وعمليات الوصول، والتنسيق) سيساعد بهذا الشأن. وتشمل الأمثلة الأخرى النظر في الاستجابات التي تتمحور حول الناجين والتي يقودها المجتمع، والنظر في كيفية العمل مع شبكات المغتربين، وكيفية حشد مبالغ صغيرة من التمويل الذي يتيح استجابات أكثر ذكاءً وقابلية للتكيف بقيادة المجتمع. وفي حين أن هناك قدراً كبيراً من الاهتمام بمقاربات الترابط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام، فإن الاستجابة المتكاملة والشاملة غالباً ما تأتي بشكل طبيعي إلى المستجيبين والمجموعات المحلية، وبطرق عديدة من استجابة منطقية للاحتياجات متعددة الأوجه والتي تتجاوز وتتخطى صوامع المساعدات المعنزلة. وقد توفر مثل هذه الأساليب كذلك المزيد من الفرص لتعزيز العمل الجماعي والتماسك الاجتماعي.

5. تمكين مناقشة صادقة حول تصورات المساعدة وخطر الاستقطاب: ستتفاعل جميع المساعدات (والجهات الفاعلة في مجال العون، الدولية والمحلية على حد سواء) حتما مع السياسة وديناميكيات النزاع على المستويين القومي والمحلي. وقد يزداد خطر التلاعب والاستقطاب من قبل الأجندات السياسية في أوقات الأزمات، كما أن انتشار المعلومات المضللة سيضيف مستوى أكبر من التعقيد. تنظر المجموعات المختلفة داخل السودان إلى التأثيرات السياسية للمساعدات بطرق مختلفة: فهي تتأثر بتاريخ المساعدات في السودان كما هي متأثرة بالديناميكيات الحالية. وهذا يثير مخاوف بالنسبة للجماعات السودانية، التي قد ترى أن استجابة المساعدات الدولية منحازة، وكذلك بالنسبة لمجموعات العون والمساعدات الدولية التي قد يساورها القلق بشأن أن تصب في مصلحة  الديناميكيات السياسية السودانية. يتطلب التنقل في هذا المشهد المعقد من الانتماء المتصور والفعلي، جنبًا إلى جنب مع مخاطر التلاعب والتسييس، عمليات تحليلية قوية ومناقشات صادقة وشفافة بين الجهات السودانية والدولية الفاعلة في قطاع العون لدعم الحل العملي للمشكلات.