تقدم وحدة حساسية النزاعات سلسلة مدونات جديدة
أدت ستة أشهر من النزاعات المدمرة إلى انزلاق السودان إلى ما وصفه وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث بأنه “أحد أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ الحديث”. وعلى الرغم من الحوجات الماسة للاحتياجات الإنسانية، حيث قدر حوالي 24.7 مليون سوداني (حوالي نصف السكان) يحتاجون إلى المساعدات بالاضافة لنزوح ما يقدر بنحو 5.79 مليون شخص، يواجه قطاع العون الانساني الدولي صعوبات في الاستجابة. منذ اندلاع النزاعات في الخرطوم في أبريل 2023، يقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أنه تم الوصول إلى 3.7 مليون شخص فقط حتى 15 سبتمبر. وتهدد الآن الأشهر الستة الأخيرة من العنف المستمر والمتطرف بإثارة المزيد من النزاعات على مستوى المجتمعات المحلي
وفي هذا السياق، لا يواجه مستجيبوا العون الإنساني في السودان فقط التحدي المتمثل في تقديم المساعدات المنقذة للحياة في بيئة شديدة التعقيد من ناحية إمكانية الوصول والتحديات الأمنية، ولكن أيضا في العمل علي ضمان عدم تغذية المساعدات للنزاعات أو استدامتها
لاستكشاف الآثار المترتبة على حساسية النزاعات للقضايا العملياتية التي نشهدها في السودان، يسر وحدة حساسية النزاعات أن تطلق سلسلة مدوناتها الجديدة بعنوان “ معضلات وصول العون الانساني، والعمل المحلي وحساسية النزاعات منذ ابريل 2023“. تتناول هذه المدونة التمهيدية الأولى بعض التحديات التي واجهتها الجهات الفاعلة في مجال العون، والأسئلة التي تطرحها بشأن الاستجابة للعون المراعي لحساسية النزاعات، وكيف تهدف سلسلة المدونات هذه إلى تحليل هذه التحديات
التنقل في بيئة تشغيلية معقدة
لقد فاجأ اندلاع النزاعات في 15 أبريل معظم العاملين في قطاع العون. واليوم، وبعد مرور أكثر من ستة أشهر، لم يتم تمويل سوى 33.5% من خطة الاستجابة الإنسانية للسودان، في حين لا تزال العوائق الأمنية وصعوبة الوصول تحد من الاستجابة الدولية
إن امكانية الوصول لوكالات العون الدولية مقيدة وقاتمة. حيث يواجه المستجيبون الدوليون صعوبات للحصول على تأشيرات للموظفيهم الإضافيين بالإضافة لتصاريح السفر داخل البلاد، ويواجهون التدخل في عمليات البرمجة والتوظيف عند سعيهم لتقديم العون. ويعوق نقص الوقود إلى تقييد حركة الموظفين وإمدادات الطاقة (الكهرباء) للعمليات التشغيلية المهمة، كما أن الهجمات التي تستهدف القوافل والرعاية الصحية، وعمليات النهب والاختطاف وغيرها من الحوادث الأمنية تحد من القدرة التنظيمية لانجاز العمل. وفي الوقت نفسه، فإن أكثر من 45 من عمال العون الانساني قد قتلوا، معظمهم من الموظفين المحليين. إن المجال الإنساني مقيد بشدة، وتتمركز وكالات العون الدولية حاليًا بشكل رئيسي في موقع واحد فقط داخل السودان – بورتسودان – مع إمكانية الوصول فقط إلى أجزاء من البلاد تسيطر عليها جهات محددة فاعلة في النزاعات
في المقابل، عندما اندلعت النزاعات ، تمكن المستجيبون المحليون ومنظمات المجتمع المدني من تنظيم أنفسهم بسرعة لدعم مجتمعاتهم، بما في ذلك إجلاء المدنيين وتقديم الخدمات الأساسية والرعاية الصحية وسط اشتباكات عنيفة مكثفة. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن المستجيبين المحليين غالبًا ما يكون لديهم فرص إمكانية الوصول المباشر لتقديم المساعدة المنقذة للحياة، إلا أن التنسيق معهم كان محدودًا ومركّزًا على المشاركة الثنائية
لقد بُذلت بعض الجهود الدولية المهمة لدعم هذه الجهات المحلية الفاعلة – إلى جانب جمع التبرعات من المغتربين، تمت الموافقة على منح لمرة واحدة (غير المتكررة) من الوكالات الدولية للمستجيبين المحليين، كما قامت بعض المنظمات الدولية غير الحكومية بتوجيه التمويل مباشرة من خلال المنظمات الوطنية غير الحكومية إلى مجتمعات معينة. لقد ألهم منهج المساعدة المتبادلةi للمستجيبين المحليين تحولًا في كيفية تقديم العون في السودان وقدم للجهات الفاعلة في مجال العون إطاراً للتعامل مع المجتمعات والمجموعات
مع ذلك، انتقد المستجيبون المحليون الشراكات غير العادلة بين المنظمات الدولية والمنظمات الوطنية/المحلية غير الحكومية، والعمليات البيروقراطية الصارمة، ونقل المخاطر على المدى الطويل، هناك حاجة إلى استراتيجية أكثر واقعية تعترف بالدور المهم الذي يلعبه المستجيبون المحليون ومنظمات المجتمع المدني في الاستجابة الإنسانية، فضلاً عن الوضع السياسي في السودان
في ضوء هذه التحديات، سيظل وصول العون الإنساني والعمل المحلي بلا شك من الاهتمامات الرئيسية لقطاع العون في سعيه لمساعدة المجتمعات في جميع أنحاء السودان
إيجاد الحلول المراعية لحساسية للنزاعات
يجب على قطاع العون إيجاد حلول لهذه العقبات التشغيلية المتكررة. ومع ذلك، فإن كيفية تعاملنا مع عوائق الوصول هذه، والتفاوض من أجل وصول أفضل على المستوى المحلي والدولي، والعمل مع المستجيبين المحليين، هي أمور مهمة
يجب أن تضع القرارات المتخذة، الصورة الأكبر في عين الاعتبار، مسترشدة بتحليل شامل للسياق والآثار المترتبة على أفعالنا بالنسبة للأشخاص الذين نخدمهم. عندما نسعى إلى تعزيز عملية وصولنا، فمن المهم أن نطرح على أنفسنا أسئلة مثل كيف نعزز هياكل السلطة من خلال التعامل مع بعض الجهات الفاعلة دون الأخرى، وكذلك النظر في الكيفية التي يمكن بها للجهات الفاعلة أن تضع نفسها في موقع يسمح لها بالاستفادة من العون
غالبًا ما يكون الوصول سياسيًا ومسيّسًا. ولعقود من الزمن، تم منح أو حجب العون الانساني وفقاً لمصالح الجهات التي تمنح الأذونات حولها، بما في ذلك الجهات الوطنية الفاعلة على المستويين المحلي والإقليمي. إن الوصول في حد ذاته له آثار اقتصادية ومتعلقة بالموارد – حيث تتفاعل الجهات الفاعلة الإنسانية مع اقتصادات النزاعات وتشكل أنماط الحوافز التي يمكن أن تعزز السلام، أو حتى النزاعات. بالاضافة إلى أن مفاوضات الوصول يمكن أن تضفي الشرعية على جهات فاعلة معينة عبر السماح لها بتحديد من يتحصل على العون ومن لا يحصل عليه، وهو ما يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى ترسيخ ديناميكيات النزاعات بينما يتم التقليل من أهمية الجهات الفاعلة الأخرى من خلال استبعادهم
سيكون دمج هذه الاعتبارات في حلولنا أمرًا بالغ الأهمية لتجنب تقويض احتمالات فرص السلام ودعم الاستجابة المقادة محلياً في السودان
تقديم سلسلة مدونات وحدة حساسية النزاعات الجديدة
لتوضيح هذه القضايا بشكل أكبر، قمنا بدعوة العديد من الكُتّاب من خارج الوحدة للتفاكر حول طبيعة وصول العون الإنساني وتوطينه؛ من وجهات نظر مختلفة، بالإضافة للتطرق إلى الآثار المحتملة لحساسية النزاعات. في سلسلة مدونتنا الجديدة ” معضلات وصول العون الإنساني والتوطين وحساسية النزاعات في السودان منذ أبريل 2023“
ومن بين المدونات القادمة في هذه السلسلة، ستتضمن القليل من الدروس المستفادة من تحديات الوصول في إثيوبيا وميانمار وسوريا، والتحقق من الآثار المترتبة على طبيعة المعاملات للوصول في السودان، وإيصال وجهات نظر المستجيبين المحليين حول هذه القضايا في مقابلة مع خمسة أشخاص من المستجيبين المحليين
في حين أن منشورات المدونات هذه لا تعكس بالضرورة آراء وحدة حساسية النزاعات ولا جميع الجهات الفاعلة في الاستجابة، إلا أننا نأمل أن تساهم هذه السلسلة في عملية صنع قرارات حاسمة حول الاستجابة وتشجعنا على تقييم آثار جهود قطاع العون، على أوسع نطاق، لتعزيز السلام في السودان
نأمل أن تستمتعوا بها وندعوكم لمشاركتنا بالتعليقات
سيتم إصدار سلسلة المدونات على موقع الوحدة الإلكتروني وسترسل أيضا لقائمة المشتركين معنا عبر البريد. يمكنكم الإشتراك لتلقي تحديثاتنا هنا
إذا كنت مهتمًا بالمشاركة في سلسلة المدونات هذه أو التواصل معنا بخصوص هذا الامر، من فضلك لا تتردد في التواصل مع كيارا على cjancke@saferworld.org.uk