أبريل 02, 2023 | Audrey Bottjen

فهم تعاون العون مع السلام

تعريف ما نعنيه ب “السلام

من خلال تجربتنا في وحدة حساسية النزاعات، يشعر العاملون في مجال المساعدات بالارتياح عمومًا لمفهوم مبدأ “عدم إلحاق الأذى”، ولكنهم غالبًا ما يجتهدون ويواجهون صعوبة لفهم كيفية تقديم المساهمات في السلام التي تطلبها مناهج ومقاربات مثل حساسية النزاع، والتنمية الإنسانية. – العلاقة بين بناء السلام والاستجابة للسلام.

من المحتمل أن يكون هناك عدد من الأسباب لذلك، ولكن هناك عقبة مهمة تتعلق بمفهوم أو اعتقاد خاطئ شائع حول تعريف “السلام”. لقد وجدنا أن العديد من الجهات الفاعلة في مجال المساعدات تعتقد أن السلام هو وضع سياسي يأتي عبر التنفيذ الناجح للاتفاقيات التفاوضية، وأنه يتم تعريفه من خلال غياب أو عدم وجود نزاعات نشطة. وفي الواقع سيكون من الصعب جدًا وغير الملائم لمعظم البرامج الإنسانية والتنموية المساهمة في هذا النوع من التسوية أو الاتفاقات السياسية.

ومع ذلك، تقترح دراسات السلام تعريفًا مختلفًا للسلام: وهو “القدرة على تحويل النزاعات بالتعاطف، بدون عنف وبشكل إبداعي – وهي عملية لا نهائية”[i]. هذا التعريف أسهل للعمل به ضمن برامج العون والمساعدات. من المسلم به أنه سيكون هناك دائمًا نزاع – على المثال لا الحصر،  التنافس على الموارد والسلطة، والاختلافات في الآراء حول كيفية عمل الأشياء أو الأمور التي ينبغي القيام بها. إذن فالسلام، ليس هو غياب النزاعات أو تسوية سياسية عابرة ولمرة واحدة، وانما القدرة على إدارة هذه الخلافات حال نشوئها. وفي الواقع فهذا التعريف مفيد، لأنه يفتح الباب أمام العديد من الطرق التي يمكن أن تساهم بها منظمات العون في السودان، في القدرات من أجل السلام.

ما هي هذه “القدرات من أجل السلام” في سياق السودان؟ 

تختلف أنواع القدرات التي تمكّن الإدارة السلمية للنزاعات عبر المجتمعات والسياقات في السودان، ولكن يمكننا تقديم بعض التعميمات لمساعدتنا في التفكير في التأثيرات المحتملة للمساعدات على السلام. فيما يلي بعض الأفكار حول الطرق التي يمكن أن تساعد بها منظمات العون في دعم القدرات من أجل السلام من خلال تنفيذ أنشطتها الإنسانية أو التنموية.

توفير المنتديات والمنابر والمساحات الآمنة للقاءات وبناء العلاقات: غالبًا ما تكافح وتجتهد المجموعات المتنازعة لتشعر بالأمان في التواصل مع بعضها البعض. وبينما يجب أن تضمن وكالات العون عدم وعودها بالأمن الذي لا يمكنها تقديمه، فإنها غالبًا ما تكون في وضع يمكنها من خلق سياقات آمنة ومحايدة حيث يمكن للمجموعات المتنازعة – على الأقل – الاجتماع والتقابل للمشاركة في أهداف ومناهج المساعدات.

دعم المساءلة التنازلية من القادة: (خضوع الأعلى للمساءلة أمام من هو أدنى منه). عندما يكون القادة المحليون مسؤولين فقط أمام من هم أقوى منهم، فإنهم يكونون أقل قدرة على فهم مصالح مجتمعاتهم أو تمثيلها أو التصرف وفقًا لها. وهذا من شأنه أن يديم التهميش والمظالم القديمة وطويلة الأمد. لكن بمقدور وكالات العون أن تصمم وتشجع وفي بعض الأحيان تطلب المساءلة التنازلية من القادة المحليين، بما في ذلك من خلال عقد اجتماعات مفتوحة مع القادة وأعضاء المجتمع، والشفافية حول إيصال المساعدات، وعملية التواصل.

دعم الترابط والتكافل متبادل المنفعة: يعتبر الترابط، خاصة عندما يكون مفيدًا لجميع الأطراف، حافزًا قويًا للأشخاص أو الجماعات لإدارة النزاعات بشكل سلمي. يمكن أن يحدث الترابط من خلال الأسواق وسبل كسب العيش والسياسات

واتاحة التعليم أو الحصول على الرعاية الصحية، والبنية التحتية المشتركة. هناك حاجة إلى التحليل المناسب للتأكد من أن وكالات العون لا تساهم في المنافسة السلبية، ولكن العديد من مشاريع العون لديها القدرة على زيادة الترابط الإيجابي.

تعزيز آليات تسوية المنازعات والعدالة المحلية: تلعب آليات حل النزاعات المحلية دورًا حاسمًا في حل المظالم قبل أن تتفاقم. يجب أن تكون منظمات العون على دراية بالآليات الموجودة في مناطقها وأن تحترمها، وكذلك إشراكها عندما يكون ذلك مفيدًا. قد لا تكون هي دائمًا تلك الأنظمة الرسمية التي يميل إلى إدارتها كبار السن من الرجال، ولكنها قد تشمل أيضًا مجموعات غير رسمية من النساء أو الشباب أو غيرهم. وبالتالي فقد يساعد إلقاء نظرة أوسع على آليات حل النزاعات، الجهات الفاعلة في المساعدة على تجاوز المعضلات المرتبطة غالبًا بهياكل السلطة المحلية التي تهمش النساء أو الشباب أو المجموعات الأخرى.

يمكن أن تكون هذه القدرات فعالة على مستوى العلاقات بين الأفراد وبين المجتمعات المحلية. ومع ذلك، فإن هذه القدرات نفسها لها صلة أيضًا بساحات النزاعات المجتمعية  وحتى على المستوى القومي – على الرغم من أنها قد تظهر بشكل مختلف في سياقات مختلفة. بالنسبة لمنظمات العون التي تسعى إلى إحداث تأثير إيجابي في المجالات التي تعمل فيها، هناك حاجة إلى التحليل المناسب لتحديد الفرص الصحيحة المناسبة، ومحاولة توقع أي آثار سلبية محتملة قد تظهر. كذلك فإن المراقبة المستمرة مهمة أيضًا لتحديد التأثيرات غير المتوقعة وتصحيح المسار عند الضرورة. وهذا يتطلب بعض الموارد والأنظمة الملائمة – ولكن يجب أن تكون في متناول أي منظمة مساعدات تعمل في السودان.

[i] Johan Galtung, Founder of the Peace Research Institute of Oslo.  On Professionalization in Peace Research.  https://www.galtung-institut.de/wp-content/uploads/2014/11/Peace-Practice-Professionalizing-Peace-Practice.pdf