إضافة إلى التحديات اليومية التي على جميع عمال الإغاثة في السودان التعامل معها فإن هنالك قضايا أخرى أعمق يمتلك فيها قطاع المساعدات القدرة على التأثير على الانتقال في السودان على المستوى البعيد. قامت وحدة حساسية النزاعات بالتعرف على أربعة مواضع أساسية يمتلك فيها قطاع المساعدات المقدرة على المساهمة في تعزيز الصراعات الحالية أو المستقبلية أو العمل على تعزيز السلام. سنقوم في هذه المساحة بالمرور عليهم بصورة سريعة مع العمل على تسليط الضوء على المخاطر والتحديات والفرص التي تتيحها. سنعمل في الشهور القادمة على الخوض بصورة أعمق في التفاصيل الأساسية لكل من هذه النوافذ مع مشاركة الأفكار والخطوات العملية لأجل مساعدة عمال الإغاثة والمانحين في التعامل مع كل منها بصورة تساهم في خلق السلام الدائم.
لقد كان العمل على تفويض سلطة صنع قرار وموارد أكبر للمنظمات المحلية المشتركة في توصيل المساعدات في أعلى قائمة أجندات نظام المساعدات الدولية منذ عام 2016 على الأقل. ومع ذلك فهي تظل موضعا واجه فيه مجتمع المساعدات الدوليه صعوبة في تحقيق أي تقدم يذكر. ويعزى ذلك لعدة أسباب تاريخية وهيكلية. ومع ذلك فإن السودان أمام عدد من التحديات الإضافية والفرص من أجل التوطين والتي ترتبط بتاريخه الطويل والمتنازع عليه حول التلاعب القادم من جهة الحكومة بالإضافة للجهود المحاولة للسيطرة على المساعدات.
إن تحقيق قدر أعظم من الملكية المحلية لقطاع المساعدات هو أمر أساسسي لأجل تمكين تنفيذ برامج وإستراتيجيات مراعية للنزاعات بشكل أكبر. حيث تعمل على تحسين الربط بالسياق المحيط والتكييف ودرجة الملاءمة للمساعدات، بالإضافة إلى بناء الأنظمة والقدرات المحلية والعمل على تشجيع وتمكين الملك المحلي وعمليات الابتكار المتعلقة بالتحديات السودانية.
ستسعى وحدة حساسية النزاعات على العمل على دعم طرق يمكن من خلالها للعمال المحليين التفاعل مع إستراتيجيات ومناهج المساعدات بشكل أفضل، بالإضافة إلى إمداد الإشراف والفرص للمنظمات غير الحكومية المحلية لمساعدتهم في العمل بصورة أكثر حساسية للنزاعات.
لقد تم تهجير ملايين من السودانيين من منازلهم في العقود الأخيرة نسبة لعدد من العوامل الاقتصادية والبيئية أخرى متعلقة بالنزاعات. إن من الراجح أن يتسبب تغير المناخ في أنماط جديدة من الإزاحة، بحيث يتسبب في هجرة واسعة النطاق للناس إلى مناطق جديدة. إن التداعيات لذلك تربط عدة قطاعات تتضمن القطاعات الإنسانية والتنموية وعملية بناء السلام والسياسات الاقتصادية. وإضافة لأزمة النزوح فإن تحديات استعمال الأراضي بصورة متمركزة وتحديات إدارة الموارد الطبيعية التي تبرز ستساهم في تعزيز مشاكل المعيشة الطارئة مع إمكان إشعالها للصراعات الموضعية. إن بإمكان السياسيات السيئة فيما يتعلق باستعمال الأراضي والزراعة التأثير على الاقتصاد القومي عندما تؤدي إلى مشاكل نقص في الخبز والسكر والتي تقود المظاهرات الداعية لإسقاط الحكومة. تتضمن عمليات السلام السودانية بنودا لعمليات عودة واسعة متوقعة سيكون لها تداعيات مباشرة على المعيشة والاقتصاد تتشكل بناء على السياسات حول إصلاحات الأراضي بالإضافة إلى الأدوات الإنسانية فيما يتعلق بالسكن والأرض والممتلكات.
إن هذا الروابط هي عناصر مهمة للانتقال السوداني الهش والذي يعتمد تطور شكله- بصورة غير مقصودة أحيانا- على المانحين وصناع السياسات وعمال المساعدات الذين يرتبط عملهم حول العوائد والمعيشة باستعمال الأراضي ودعاويها بالإضافة لإدارة الموارد الطبيعية.
إنه وعبر تاريخ السودان نجد أنه قد أدى التهميش السياسي والاقتصادي لحركات مسلحة ساعية للسلطة، سواء كان ذلك من أجل الوصول إلى حق استقلال بمناطقهم الخاصة أو التمكن من تحقيق السيطرة على الدولة. إن الأرض والمال والبشر هي الموارد الأساسية التي تحتاجها هذه الحركات والأفراد الأقوياء الذين يقودونها. إن لهذه الأمر تداعيات واسعة فيما يخص قطاع المساعدات.
إن هذه النزاعات فوق الأراضي والبشر والموارد هي داخلة في عملية صنع السلاح الجارية حاليا بالسودان. يعمل القادة السياسيون والعسكريون بأطراف السودان على تعزيز مواقفهم التفاوضية عن طريق تعزيز قدر تحكمهم بالأراضي والموارد والسكان. إنه وفي هذه الفترة ذات الأزمة الاقتصادية تعتبر المساعدات الغذائية إحدى الموارد الأساسية المتوفرة لهؤلاء الأفراد من أجل تعزيز دوائرهم الانتخابية. إنه واستنادا على كيفية توزيع المساعدات فإن بإمكانها إما أن تعمل على تشجيع وتمكين شفافية ومسؤولية أعظم أو أن تقوم بتعزيز الفساد وشبكات محسوبية مبهمة. لقد قام عديد من عمال المساعدات بالتبليغ عن استلامهم لتوجيهات متعارضة عن كيفية التعامل مع الأفراد غير التابعين للدولة بالإضافة لعدم تأكدهم عن كيفية إدارة هذه الديناميات.
لقد أتاحت ثورة عام 2019 المجال لمناهج جديدة فيما يتعلق باستعمال السلطات داخل السودان. ورغم ذلك فإن من غير الواضح إلى الآن الكيفية التي ستشارك بها هذه الأصوات الجديدة. لقد كان المعتاد أنه قد امتنعت قدرة بعض المجموعات من مناطق السودان الطرفية بالإضافة إلى بعض الفئات المجتمعية مثل النساء والشباب عن المشاركة بصورة كاملة في عمليات صنع القرار التي تحكم تحديد مستقبلهم نفسه بالإضافة إلى مستقبل بلادهم. لقد قامت كلا الفئتين من النساء والشباب بإبداء قدرة هائلة من الاستقلالية السياسية خلال فترة الثورة ولكن مشاركتهم في الانتقال الجاري مهددة بواسطة الأعراف القديمة المتعلقة بالنوع والاجيال – وهو ما يعتبر مصدرًا محتملاً للهشاشة في الفترة القادمة
يجد عمال الإغاثة في السودان نفوسهم بصورة متكررة مقيدين عن طريق نفس الأنماط والتي يمكن في بعض الأحيان مشاركتهم في استمرارها دون قصد. ومثال على ذلك: نجد أن عديدًا من البرامج لا تزال مصممة وممولة ومشرف عليها من قبل أشخاص يعيشون في الخرطوم ولا يملكون فهمًا للسياق في المناطق التي يتم فيها تقديم المساعدات. وفي نفس الوقت ونسبة لعدم التساوي في الفرص التعليمية داخل البلاد نجد أن عديدا من العمال السودانيين القدم في قطاع المساعدات داخل الأمم المتحدة والمانحين والمنظمات غير الحكومية هم من نفس الدوائر النخبوية التي انتمت إليها الحكومة. وبناء على ذلك فإن عددا من المنظمات لم تكن قادرة على سد فراغاتها المعرفية عن الدور الذي يمكن أو يجب أن تكونه المساعدات على المستوى دون القومي وضمن الفئات المهمشة.
– – – – – – – – – – – – –
إن السودانيين هم الذين سيقومون بالعمل على إمداد أفضل الحلول لهذه التحديات ولكن لنظام المساعدات الموارد والوجود اللازم لتحديد شكلها- سواء كان ذلك أمرًا موجبا أو سيئا. ستقوم وحدة حساسية النزاعات بالعمل عن كثب مع جميع عمال المساعدات من أجل مساعدتهم على حل هذه التحديات والأسئلة والتعامل معها في تعاون مع المجتمعات التي يدعمونها وعاملين على تقديم التوجيه العملي والتحليل والمحادثات المناسبة وقت الحاجة.
قم بزيارتنا عن طريق الإنترنت وسجل معنا من أجل استلام تحاليل أكثر وفعاليات ودورات تدريبية على الرابط: www.csf-sudan.org/ar/#subscribe، أو قم بالتواصل معنا على العنوان: info@csf-sudan.org